تشهد الساحة السياسية بإقليم الجديدة حراكًا لافتًا وغير مسبوق، حيث تتوالى زيارات القيادات الحزبية الكبرى، في خطوة تحمل رسائل سياسية واضحة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية. فبعد ركود نسبي في المشهد السياسي، يبدو أن المنطقة أصبحت وجهة مفضلة للزعامات الحزبية التي تسعى إلى تعزيز نفوذها وإعادة ترتيب أوراقها استعدادًا للمرحلة المقبلة.
قبل أسبوع، حلّ نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، بمنطقة أولاد فرج، حيث قاد مهرجانًا خطابيًا حاشدًا وسط أنصاره ومناصري الحزب، في رسالة واضحة مفادها أن حزب الاستقلال لا يزال رقمًا صعبًا في المعادلة السياسية بالمنطقة. وجاءت هذه الزيارة في إطار إعادة بعث ديناميكية جديدة داخل الحزب واستقطاب المزيد من القواعد الانتخابية، خصوصًا في ظل التحولات التي تشهدها الساحة السياسية الوطنية.
وقد ركز بركة في خطابه على أولويات حزبه، منتقدًا السياسات الحكومية التي لم تفِ – برأيه – بوعودها، خصوصًا في ما يتعلق بالشق الاجتماعي وتحسين ظروف العيش للمواطنين، وهو ما عكس بوضوح رغبة الحزب في تعبئة قاعدته النضالية استعدادًا لما هو قادم.
ولم تمر سوى أيام قليلة حتى شهدت الجديدة زيارة الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، الذي اختار بيت رفيق بناصر، المنسق الإقليمي للحزب، كمحطة رئيسية للقاء عدد من المنتخبين والأعيان بالمنطقة.
وتأتي هذه الزيارة في توقيت حساس، حيث يسعى الحزب إلى ترسيخ مكانته الانتخابية وضمان استمراريته كقوة سياسية مهيمنة، خاصة أنه يقود الحكومة الحالية ويتحمل مسؤولية تدبير عدد من القطاعات الأساسية التي كانت محور انتقادات واسعة من المعارضة.
وقد شهد اللقاء مناقشة قضايا تهم المنطقة، حيث تم التأكيد على التزام الحزب بمواصلة تنفيذ المشاريع التنموية المبرمجة، في محاولة لطمأنة الرأي العام الوطني بأن الحكومة لا تزال وفية لتعهداتها رغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
هذه التحركات المتزامنة في إقليم دكالة تؤشر على عودة الحرارة إلى المشهد السياسي الإقليمي، حيث يبدو أن الأحزاب تستبق المواعيد الانتخابية بمحاولة كسب المزيد من النقاط في أوساط الناخبين.
ويرى متابعون أن الصراع السياسي في المنطقة قد يزداد شراسة مع اقتراب الاستحقاقات القادمة، خصوصًا أن دكالة تُعد معقلًا انتخابيًا محوريًا يمكنه أن يؤثر على التوازنات الحزبية، سواء على المستوى المحلي أو الوطني.
فهل نحن أمام انطلاقة مبكرة للحملة الانتخابية؟ وهل تسعى الأحزاب إلى استمالة القواعد الانتخابية بالإقليم كجزء من استراتيجياتها للفوز بالمقاعد البرلمانية والجماعية؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالكشف عن مآلات هذا الحراك السياسي المتسارع.