بقلم : هاشم عزة محام بهيئة الجديدة
وأنا أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي أثار انتباهي تدوينة عن التنمية ببني هلال جاء فيها – بني هلال القرية التي توقفت فيها عجلة التنمية لسنوات طوال، القرية التي كانت ضحية لازدواجية السلطة والمال. لا تغيير قادم ولا تغيير طال المكان- إن هذه العبارة تشمل جميع مناطق سيدي بنور، خاصة القروية منها فلا تغيير طالها ولا تغيير قادم إليها، غير أن بني هلال حسب صاحب التدوينة التي حركت بداخلي براكين الغيرة والاحساس بالحكرة والظلم والاستغلال والطغيان الممارس على الساكنة، نالت النصيب الأوفر من التهميش والنسيان من لدن السياسيين الذين يقضون حاجتهم و يجمعون حقابهم ليلة الانتخابات ويعودوا للعيش في قصورهم الفاخرة تاركين المنطقة وسكانها يلاقون مصيرهم. وأنا أعيد قراءة عبارة القرية التي توقفت فيها عجلة التنمية مرات ومرات ، وأتأمل العجلات المربعة التي يسير بها قطار التنمية أو بالأحرى حمار التنمية سنين طويلة، حاولت إسقاط ما توصل به الباحثين والفقهاء والعلماء وما أوصت به منظمة الأمم المتحدة من أن مؤشر التنمية مرتبط بالديمقراطية، وأن الديمقراطية هي أساس التنمية، وأن السمات الأساسية للديمقراطية كالمشاركة والشمولية والاستجابة لمطالب المواطنية والوفاء بالوعود الانتخابية والمساءلة كلها تساهم عل نحو مباشر أو غير مباشر في التنمية. وفي مقابل ذلك فإن نتائج انعدام التنمية من فقر وجوع ومرض وأمية تحد من قدرة الناس على ممارسة حقوقهم السياسية، خاصة عندما تنعدم التنمية يعاني السكان من الركود الاقتصادي ولا تتم مساواتهم أمام القانون ما يبعدهم من المشاركة في العملية الديمقراطية. وبالتالي فإذا كان التقدم الديمقراطي يثمر في التنمية، فإن انعدام التنمية أو بعبارة التدوينة الفيسبوكية توقف عجلة التنمية راجع لانعدام الديمقراطية المحلية. وعندما نقول الديمقراطية فإننا نقصد بها مشاركة الساكنة في تدبير شؤونها بانتخاب من يتولى ذلك انتخابات حرة ونزيهة، تكون كلمة الفصل فيها لصناديق الاقتراع التي تجسد التعبير الحقيقي عن إرادة الساكنة. ولتكون الديمقراطية حقيقية لا صورية مثل الحالية بسيدي بنور ينبغي أن يتمكن من خلالها المواطن من اختيار الناخب الذي يرى فيه أنه الأقدر والأصلح وأنه من سيضحي ليحقق النماء والرفاهية له ولباقي الناخبين. وكواحد من ألاف ضحايا الديمقراطية الصورية وكمتضرر من توقف عجلة التنمية بسيدي بنور أو بالأحرى من عدم ولادة التنمية بالمرة في بني هلال، التي ظلت لعقود تحت سيطرة من جمع المال وسخره للتسلح بالسلطة بمختلف صورها لبطش من يعارضه ومن لا يسايره ويرهب من يحاكيه هنا وهناك. فإنني سمعت من السكان وكنت شاهدا على ذبح الديمقراطية من الوريد إلى الوريد في العديد من الاستحقاقات الانتخابية بالمنطقة ومنها لسنة 2021 حتى خرجت روح التنمية، وفي أحيان كثيرة بمباركة بعض رجال السلطة طائعين المال والجاه وتارة أخرى خائفين السياسيين الذين وصلوا قمة الانحطاط والطغيان وعلو على القانون ورجاله. كعبيسلام الذي شرع في تجسيد سيناريو القايد عويسا ليتم عزله لما وصل خبر للسيد عامل الإقليم ووزارة الداخلية. والتنمية الوحيدة التي تحققت في المنطقة هي تنمية البرلمانيين الذين تمكنوا منذ أن دخلوا السياسة من جمع أموال طائلة وتأسيس العديد من الشركات التجارية وطوروها بشكل مذهل إلى أن أصبحت من كبار الشركات الوطنية في مجال عملها ومن المنافسة للشركات الدولية دون أن يسألهم أحد من أين لكم هذا. والغريب في أمرهم أنهم لم يستطيعوا تحريك عجلة تنمية مناطقهم قيد أنملة، والسبب بكل بساطة أن مناطقهم لا تهمهم، وأن كل همهم هو تنمية مشاريعهم وعائلتهم عفوا أسرتهم ولو على حساب مناطقهم، وصوت المواطن وقت الانتخابات وهي الفترة التي يظهرون فيها سخائهم وإنسانيتهم ويمنحوا المواطن دراهم قليلة ووعود كثيرة. ويوم الاقتراع يشتغلون بطرق مكرة بحيث أصبح كل منهم يتحكم في الدائرة الترابية التابعة له أو ما بات يعرف بمعاقلهم، فيختار يوم التصويت رئيس مكتب التصويت من ضمن الموظفين بالجماعة الخاضعين لسلطته والذي سينفذ أوامره بقلب صناديق الاقتراع لاغتصاب الديمقراطية، بعدما يشتري نواب الخصوم بالمال أو بالعنف، ويمنع دخول البراني لمنطقتهم، ولهم وسائل أخرى دنيئة لجعل المرشحين ضده أو ضد من معه الانسحاب أو التصويت له بالوعيد أو بالتهديد بتسخير مرتزقة لهذه المهمة مقابل خمر وحشيش وشيخات يشاركونهم فرحتهم ويرقصون حملتهم الانتخابية، أو بتكليف من يحسبهم أعيان الدواوير ممن قضى مآربهم كما يسمونها هم أيام الشدة . ونستدل بواقعة من الألف عندما رفض نواب أحد المرشحين الخروج من مكتب التصويت لترك المغتصب لوحده مع صندوق الاقتراع، وتم إخراجه بالقوة ودهسه بسيارة حتى كسرت أرجله ولم يقضي الجاني ولو يوم واحد بالسجن . وهو ما جعل سكان هذه المناطق أحوالهم شبيهة بسنوات الجمر والرصاص يخافون خوفا شديدا من معارضة زعيمهم أو الحديث عنه حتى في المقاهي ظنا منهم أنه السجان. وهي أوجه انعدام الديمقراطية ولما انعدمت الديمقراطية انعدمت معها التنمية. فبقيت بني هلال على حالها وبقيت الساكنة بين من يحن للديمقراطية ومن يئن من انعدام التنمية.